مهرجان كان السينمائي 2025
فيلم "صوت السقوط": القلق يُدمّر أوروبا
البلاد/ عبد الستار ناجي:
يعزف فيلم "صوت السقوط" على وتر القلق الذي يُحاصر الإنسان
الأوروبي، من خلال سرد حكاية عائلة ألمانية عبر أجيال متعددة، حيث يتداخل
الماضي بالحاضر في منزل ريفي يحمل دلالات أوروبية عميقة، تعكس آثار الحروب
والرغبة في الخلاص من واقعٍ قاسٍ.
تُجسّد شخصيات الفيلم، رغم تنوع أجيالها، حالةً من
السوداوية والجمود، حتى أن لحظات الفرح العابرة تظل مشوبةً بالتوتر.
تعود المخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي بعد غيابٍ دام سنوات،
منذ فيلمها الأول "فتاة الأزرق الغامق" عام 2017، لتُقدّم "صوت السقوط"
كقصيدة سينمائية معتمة، تنطلق منذ اللحظة الأولى عبر نظرة الأطفال
المتلصصة، الذين يشاهدون الكبار يعيشون العزلة والتمزق والشعور بالذنب.
ينتقل السرد بين أزمنة متعددة، حيث يُهيمن هاجس الانتحار
على جميع الشخصيات.
من خلال مشهد قطع رجل ابن العائلة الأكبر، يُبحر الفيلم
بعيدًا في الحديث عن زمن العسكرة والحروب المتجذرة، مع إشارات إلى حروبٍ
قادمة تظل خلف الأبواب، قد تشتعل في أي لحظة.
يتخذ الفيلم موقفًا صريحًا ضد عبودية المرأة وحالة السخرة
التي تعيشها منذ الولادة حتى الموت، كما يتجلى في موت الجدة ومرض الأم.
في جميع المشاهد، تظل المرأة تعمل وتخدم طيلة النهار في
ذلك المنزل الريفي.
منذ المشهد الأول، يُقدّم الفيلم أربعة أزمنة متداخلة
بإيقاع احترافي، مستمد من معطيات السيناريو الذي كتبته لويز باتر بالتعاون
مع المخرجة ماشا شيلينسكي، في ذات المنزل والحديقة والنهر الصغير المحيط
به.
تأتي الرواية دائمًا من خلال الطفلة "ألما"، وهي فتاة صغيرة
تُبدي تقبّلًا فاترًا وغير مُستوعب لتقاليد العائلة الغريبة، وصورها التي
تتواصل لوفيات أفراد العائلة، وهي صور مروعة.
تظل ترى صورة لفتاة تشبهها كثيرًا، مع ملامح متداخلة لسيدة
لا تعرفها، ومن هنا تبدأ لعبة تداعي الذكريات والحكايات.
في المقابل، هناك "إريكا" (ليا دريندا) التي نراها تعاني من
شغفٍ كئيبٍ شبه شهواني بـ"العم فريتز" الأكبر سنًّا (مارتن روثر)، وبصورتها
الخيالية عن نفسها كمبتورة.
لاحقًا، في ألمانيا الشرقية القديمة، "أنجيليكا" (لينا
أورزيندوسكي) مراهقةٌ تعمل في المزرعة، يُسيء معاملتها عمها البغيض "أوي"
(كونستانتين ليندهورست)، وتُدرك في حلمٍ أن ابن "أوي" - أي ابن عمها
"راينر" (فلوريان جيسلمان) - يُحبها باستياء. عندما تنضم "أنجيليكا" إلى
مجموعة العائلة لالتقاط صورة جماعية بكاميرا بولارويد، تواجه مصيرًا غريبًا
مثل "ألما".
منذ المشهد الأول، يُقدّم الفيلم أربعة أزمنة متداخلة
بإيقاع احترافي، مستمد من معطيات السيناريو الذي كتبته لويز باتر بالتعاون
مع المخرجة ماشا شيلينسكي، في ذات المنزل والحديقة والنهر الصغير المحيط
به.
تأتي الرواية دائمًا من خلال الطفلة "ألما"، وهي فتاة صغيرة
تُبدي تقبّلًا فاترًا وغير مُستوعب لتقاليد العائلة الغريبة، وصورها التي
تتواصل لوفيات أفراد العائلة، وهي صور مروعة.
تظل ترى صورة لفتاة تشبهها كثيرًا، مع ملامح متداخلة لسيدة
لا تعرفها، ومن هنا تبدأ لعبة تداعي الذكريات والحكايات.
في المقابل، هناك "إريكا" (ليا دريندا) التي نراها تعاني من
شغفٍ كئيبٍ شبه شهواني بـ"العم فريتز" الأكبر سنًّا (مارتن روثر)، وبصورتها
الخيالية عن نفسها كمبتورة.
لاحقًا، في ألمانيا الشرقية القديمة، "أنجيليكا" (لينا
أورزيندوسكي) مراهقةٌ تعمل في المزرعة، يُسيء معاملتها عمها البغيض "أوي"
(كونستانتين ليندهورست)، وتُدرك في حلمٍ أن ابن "أوي" - أي ابن عمها
"راينر" (فلوريان جيسلمان) - يُحبها باستياء.
عندما تنضم "أنجيليكا" إلى مجموعة العائلة لالتقاط صورة
جماعية بكاميرا بولارويد، تواجه مصيرًا غريبًا مثل "ألما".
وفي وقتٍ لاحق، في ألمانيا الموحّدة الحديثة، تُصادق
"لينكا" (ليني جيسلير) فتاةً غريبةً وجريئة تُدعى "كايا" (نينيل جيجر)،
توفيت والدتها حديثًا. تتكشف الروابط بين الشخصيات تدريجيًا، ويُلمح الفيلم
إلى مزيد من الشخصيات والأحداث الغامضة والمتوقعة. ما يجمعهم ليس المزرعة
فحسب، بل أيضًا ذلك النهر الذي يسبحون فيه، والذي يُشكّل جزءًا من الحدود
مع الغرب، ويحتوي على ثعابين مائية زاحفة ومرعبة تظهر في أكثر من مشهد،
وتحمل دلالات متعددة.
يمتاز فيلم "صوت السقوط" بكونه دلالة على سقوطٍ أكبر،
يتجاوز حدود العائلة التي نرصد حكايتها؛ إنه شعور عاصف بالكآبة والضيق
والحزن، والموت الذي يقف خلف الأبواب.
في الفيلم، أسلوب خاص ولغة بصرية متفرّدة صاغتها المخرجة
ماشا شيلينسكي، بالتعاون مع مدير التصوير فابيان جامبير، الذي يتمتع بتجربة
سينمائية ثرية وعميقة.
حظي الفيلم بإشادة نقدية واسعة، حيث وصفه النقاد بأنه عمل
فني طموح يُسلّط الضوء على الأثر النفسي العميق للاضطرابات الاجتماعية
والسياسية على الأفراد، خاصة النساء. ورغم بعض الانتقادات التي أشارت إلى
أن الأسلوب البصري قد يطغى أحيانًا على السرد، إلا أن "صوت السقوط" يُعتبر
إضافة مميزة للسينما الألمانية المعاصرة.
ويبقى أن نقول: فيلم "صوت السقوط" هو قصيدة نثرية عن سقوط
الذات الإنسانية وسط عواصف الحروب، وفوضى الذاكرة، وعدم الاستقرار. |