"صوت
هند رجب" ينقل مأساة طفلة فلسطينية إلى البندقية والعالم
البندقية (إيطاليا)
الفيلم جسد الساعات الأخيرة من حياة الطفلة هند التي قتلها
الجيش الإسرائيلي مع أقاربها بقصف سيارة لجأوا إليها.
يحمل فيلم “صوت هند رجب” الذي عُرض لأول مرة اليوم الأربعاء
في مهرجان البندقية السينمائي التوسلات الأخيرة المؤلمة للطفلة الفلسطينية
شهد التي تبلغ من العمر خمس سنوات، والتي حوصرت في سيارة تحت القصف
الإسرائيلي.
وشهد مهرجان البندقية السينمائي دموعا وتصفيقا حارا استمر
أكثر من 22 دقيقة من قبل الحاضرين في العرض الأول للفيلم الذي يجسد مأساة
الطفلة التي قتلها الجيش الإسرائيلي وعائلتها بمدينة غزة العام الماضي.وجسد
الفيلم، بعرضه الأول الأربعاء، الساعات الأخيرة من حياة الطفلة هند، التي
كانت بعمر 5 سنوات، عندما قتلها الجيش الإسرائيلي مع 6 من أقاربها بقصف
سيارة لجأوا إليها جنوب غرب مدينة غزة في 29 يناير 2024.
وقالت الممثلة سجى الكيلاني للصحافيين في بيان قرأته نيابة
عن جميع العاملين في الفيلم “قصة هند تحمل ثقل شعب بأكمله.”
ويركز العمل الدرامي الواقعي على مشغلي خدمة الهاتف في
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الذين حاولوا لساعات طويلة طمأنة هند رجب
العالقة وهي تتوسل لإنقاذها من السيارة، حيث كانت عمتها وعمها وثلاثة من
أبناء عمومتها يرقدون بالفعل في عداد الموتى.
واستخدمت عبارة الفتاة الصغيرة “أنا خائفة جدا، أرجوكم
تعالوا” معززة بمقاطع أصلية أخرى لمكالماتها اليائسة مع مشغلي خدمة الهاتف
بشكل قوي طوال الفيلم.
وقالت الكيلاني: “السؤال الحقيقي هو كيف تركنا طفلة تتوسل
من أجل الحياة؟ لا يمكن لأحد أن يعيش في سلام بينما يُجبر طفل واحد على
التوسل من أجل البقاء على قيد الحياة… دعوا صوت هند رجب يتردد صداه بأنحاء
العالم.”
وبعد انتظار دام ثلاث ساعات، حصل الهلال الأحمر أخيرا على
الضوء الأخضر من إسرائيل لإرسال سيارة إسعاف لإنقاذ هند. لكن انقطع الاتصال
بالفتاة والمنقذين أنفسهما بعد وصول سيارة الإسعاف إلى مكان الواقعة.
وبعد أيام، عُثر على جثة الفتاة مع جثة أقاربها في السيارة.
كما تم انتشال أشلاء عاملي الإسعاف القتيلين من سيارتهما التي تعرضت للقصف.
ووسط الدموع وهتافات “فلسطين حرة”، وقف المنتجان التنفيذيان
خواكين فينيكس وروني مارا لتهنئة المخرجين وطاقم العمل، الذين رفعوا صورة
هند خلال التصفيق الحار والتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة
جماعية إسرائيلية متواصلة منذ 7 أكتوبر 2023.
وعن الفيلم، الذي يتضمن التسجيل الصوتي الحقيقي لهند رجب
قبل مقتلها بلحظات، قالت المخرجة التونسية كوثر بن هنية، إن “صوت هند، هذه
الطفلة ذات الخمس أعوام، هو في النهاية صوت غزة تطلب المساعدة.”
وأضافت: “عندما سمعت صوت هند للمرة الأولى، كان هناك ما هو
أكثر من صوتها. لقد كان صوت غزة ذاتها تطلب المساعدة… الغضب والشعور بالعجز
عن فعل شيء هما من ولّدا هذا الفيلم.” وأضافت بن هنية، المرشحة لجائزة
“الأوسكار”، أنه “كان لا بد من إنتاج فيلم كهذا لأن القصص الروائية كثيرا
ما تُذكرنا بحقائق ننساها، وتُظهر لنا أحياناً عالماً مُنع من الكلام.”
العرض استقطب عددا من نجوم هوليوود، الذين انضموا مؤخرا إلى
لائحة المنتجين التنفيذيين للفيلم، من بينهم براد بيت، خواكين فينيكس، روني
مارا، ألفونسو كوارون، وجوناثان غليزر
وأثار الفيلم، الذي يُنافس على جائزة الأسد الذهبي، الجائزة
الكبرى لمهرجان البندقية، إحدى أعرق الجوائز السينمائية العالمية، إعجاب
الجمهور والنقاد على حد سواء خلال عرضه الأول، مُثيراً ردود فعل عاطفية
واسعة النطاق.
ولأكثر من 22 دقيقة، استمر التصفيق الحار للفيلم من جمهور
مهرجان البندقية السينمائي بنسخته 82، الذي بدأ الأربعاء بمدينة البندقية
الإيطالية، ويستمر حتى 6 سبتمبر الجاري.
كما استقطب العرض عددا من نجوم هوليوود، الذين انضموا مؤخرا
إلى لائحة المنتجين التنفيذيين للفيلم، من بينهم براد بيت، خواكين فينيكس،
روني مارا، ألفونسو كوارون، وجوناثان غليزر.
وبعد عرضه لأول مرة في مهرجان من المقرر أن يتوجه الفيلم
إلى مهرجان تورونتو السينمائي الدولي لعرضه الأول في أميركا الشمالية. كما
سيعرض في كل من إسبانيا واليابان وبولندا والبرتغال وتايلند وتركيا ودول
البلطيق وهونغ كونغ.
وكوثر بن هنية هي مخرجة وكاتبة سيناريو تونسية، تُعد من
أبرز الأسماء في السينما العربية المعاصرة. وُلدت في سيدي بوزيد عام 1977،
ودرست السينما في معهد الفنون والسينما بتونس ثم واصلت دراستها في فرنسا،
حيث التحقت بمدرسة “لا فيميس” المرموقة. عُرفت بأعمالها الجريئة التي
تتناول قضايا اجتماعية وسياسية بزاوية إنسانية وعميقة، وغالبًا ما تمزج بين
الوثائقي والروائي بأسلوب بصري متقن. أعمالها تعكس اهتمامًا واضحًا بحقوق
الإنسان، والهوية، والعدالة، لا سيما فيما يتعلق بوضع المرأة في المجتمعات
العربية.
من أبرز أفلامها “على كف عفريت” (2017) الذي عُرض في مهرجان
كان السينمائي، ويتناول قصة واقعية عن فتاة تتعرض للعنف من رجال شرطة، مما
أثار نقاشًا واسعًا حول الحريات الفردية في تونس. كما لاقت إشادة عالمية
بفيلمها “الرجل الذي باع ظهره” (2020)، والذي رُشّح لجائزة الأوسكار كأفضل
فيلم أجنبي، وهو أول فيلم تونسي يصل إلى هذه المرحلة. استطاعت كوثر بن هنية
أن تفرض نفسها كصوت نسائي قوي في صناعة السينما، وأن تمثل تونس والعالم
العربي في محافل سينمائية دولية بأعمال ذات طابع إنساني عالمي. |